عرض اون لاين كتاب مبادئ التربيه وعلم النفس ثاني ثانوي ادبي
- انظم الى قناة منهج ليبيا الجديد في التليجرام
محتوى الكتاب
مفهوم التربية وتعريفها :
التربية في اللغة:
التربية ترجع في معناها اللغوي إلى فعل ربي أي بمعنى نما وزاد جاء في قوله تعالى " وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ (1) وربي في بیت فلان نشأ ، فيه وربي بمعنى نمى القوى العقلية والجسدية والخلقية ، وفي
قوله تعالى " قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (7)
وأيضاً قوله تعالى ( وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )
ولقد تعددت معاني التربية ، فهي بمعناها الواسع تعني كل عملية تساعد على تشكيل عقل الفرد وجسمه وخلقه باستثناء ما قد يتدخل فيه من عمليات تكوينية أو وراثية ، وهي بمعناها الضيق تعني غرس المعلومات والمهارات المعرفية من خلال مؤسسات أنشئت لهذا الغرض كالمدارس ، وكذلك فإن تعريف التربية يختلف باختلاف وجهات النظر ويتعدد حسب الجوانب والمجالات المؤثرة فيها والمتأثرة بها ، ولهذا فإن لها عدة معان وتعريفات ، فلها المفهوم التعليمي والاقتصادي والمهني والتأديبي أو التهذيبي وقد يشار إلى التربية البيداغوجيا Pedagogy التي ترجع إلى أصلها الإغريقي الذي يعني توجيه ، الأولاد حيث تتكون هذه الكلمة من مقطعين Paid وتعني ولد و agog us وتعني توجيه والبيداغوجي يعني عند الإغريق المربي أو المشرف على تربية الأولاد وفي معجم العلوم السلوكية أن التربية تعني التغيرات المتتابعة التي تحدث للفرد، والتي تؤثر في معرفته واتجاهاته وسلوكه ، وهي أيضاً تعني نمو الفرد الناتج عن الخبرة أكثر من كونه ناتجاً عن النضج، والتربية وهي مشتقة من الكلمة اليونانية educate بمعنى استخراج المعاني الفطرية عند الطفل .
يعد مفهوم التربية من أكثر المفاهيم التربوية شمولا وعمومية، وله العديد من المعاني والدلالات من حيث الدلالة اللغوية وترادف التربية لفظ "التنمية". وعلى هذا الأساس تصبح علاقتها بالمدرسة علاقة محدودة، وليس علاقة
مطلقة و كما هو الشائع. لأن التربية تبدأ والإنسان جنين في بطن أمه، وهي تمتد معه طوال حياته، لأن حياته تعني احتكاكه وتفاعله بالآخرين.
وعادة ما ينظر إلى علم التربية على أنه علم تطبيقي، على أساس أنه علم يطبق أو يوظف المبادئ والقوانين المأخوذة من علوم أخرى (مثل علم النفس علم الاجتماع، وعلم الإدارة، وعلم الاقتصاد ) لصالح تنمية الشخصية الإنسانية بكافة جوانبها). وبهذا أصبحت التربية عملية تفاعل مستمر بين الإنسان والبيئة التي يعيش فيها وهي بالتالي تقوم باستخراج إمكانيات الفرد، وهي التي تعمل على تكوين اتجاهاته وتنمية وعيه بأهداف المجتمع التي يسعى لتحقيقها ، وهي التي تشكل أفراد وتكسبهم المعايير والأيدولوجيات التي تسود النظام الاجتماعي وتوجهه ، بذلك أصبحت التربية قضية حيوية تشغل المجتمع على أوسع نطاق ، بل أصبحت الأداة الأساسية التي تلجأ إليها المجتمعات المعاصرة لبناء الإنسان الذي تضعه أمام مهمات التغير والتطور المستمر، فتساعد الفرد
على تأدية واجباته العامة والخاصة .
فالتربية هي العمل المنسق المقصود الهادف إلى نقل المعرفة وتكوين الإنسان والسعي به في طريق النمو من جميع النواحي وعلى مدى الحياة .
والتربية في الاسلام تعني بلوغ النمو بالتدرج ، ويقصد بالنمو نمو الجسد والعقل ، أي الجانب المادي والمعنوي ، ويتضح ذلك من اقتران الصلاة بالزكاة في مواضع كثيرة من القرآن : حيث إن الصلاة تمثل نضج الجانب الروحي وتمثل الزكاة نضج الجانب المادي، وهما معاً يمثلان درجة النضج في الإنسان روحياً وجسدياً ، وتسبق الصلاة الزكاة بالذكر لأن النمو الجسم لا يأتي إلا بعد نمو الروح. وهدف التربية إيقاظ وتنمية تلك الجوانب الجسمية والعقلية والخلقية للطفل التي يتطلبها منه كل من المجتمع والبيئة التي أعد من أجلها أحد علماء
التربية ( ستالوتزي) : أن التربية الحقة تشبه الشجرة التي غرست على مقربة من مياه جارية ، والإنسان يشبه هذه الشجرة ، ويتفق دبوي مع فرويل : على أن للتربية وجهين أو جانبين أحدهما سيكولوجي والآخر اجتماعي .
وفي ضوء هذا التعريف فإن التربية لم تعد مقصورة على مرحلة من مراحل عمر الإنسان ، بل أنها أصبحت عملية مستمرة مع الإنسان من المهد إلى اللحد وهذا التعريف يتفق مع ما نادت به الشريعة والتربية الإسلامية .
والتربية اصطلاحا: هي ( ان التربية هي الطريقة التي يتمكن الفرد بواسطتها من ان يكتسب الكثير من القدرات البدنية والاخلاقية والاجتماعية، التي تتطلبها الجماعة التي ولد بها، والتي يجب ان يعمل فيها).
فهناك معنيين للتربية أحدهما واسع ، والآخر ضيق ، فهي بمعناها الواسع تعادل الخبرة خبرة الكائن الحي في تفاعله مع بيئته الطبيعية ، أما في معناها الضيق :
فيقصد بها التعليم المدرسي .
تطور مفهوم التربية :
أدى اختلاف مفهوم التربية من مجتمع لآخر ومن وقت لآخر ، أن يتغير هذا المفهوم تبعاً لتغيرات الزمن، وتطورات المجتمع ، وبالتالي شهد تطورات هائلة سببها التغير الاجتماعي، والثقافي داخل المجتمعات واتساع النظرة إلى ميدان التربية ، مما أدى إلى تحولات وتطورات في مفهوم التربية منها :
1 انتقال مفهوم وميدان التربية من الجهود المبعثرة إلى الجهود المنظمة ، لقد كانت التربية مسؤولية الفرد والأسرة بل كان الوليد يتربى داخل نطاق الأسرة فهو بهذا يتأثر بجميع افرادها الإباء والإخوة ، ولكل دوره في التربية .
2 انتقلت من مرحلة تعليم القطاع الخاص إلى القطاع العام ، حيث أن التعليم الذي يمثل التربية تقتصر على فئة أو فئات معينة مختارة وقادرة اقتصادياً واجتماعياً ، بينما أصبح التعليم والتربية الآن حقاً لكل مواطن ، بل أصبح
الزامياً في أغلب الدول ، مما ترتب عليه التزام الدول بتوفير حد أدنى من
التعليم لكل الأفراد ..
3 انتقلت من عملية تعليمية ضيقة تعنى بالحفظ والاستظهار إلى عملية ثقافية حضارية شاملة وبذلك أتسع مفهوم التربية وتطور وأصبح يتسامي بحق الانسان وضميره وخلقه بل أحدث المفهوم الجديد تكاملاً بين الأبعاد الجسمية والنفسية والاجتماعية إذ أصبحت التربية عملية فردية اجتماعية .
4 انتقلت من عملية مرحلية إلى عملية مستمرة ، فالتربية كانت قديماً تنتهي بمرحلة تعليمية معينة ، أو بزمن تعليمي معين ، ثم انتقلت إلى أن أصبحت تمثل عدة مراحل تعليمية أو سلما تعليميا معيناً ، ثم تجاوزت تلك المرحلة إلى أن أصبحت عملية مستمرة مع الإنسان طيلة حياته مصداق ذلك قول
رسول صلى الله عليه وسلم " تعلموا العلم من المهد إلى اللحد " .
5 انتقلت من عملية عشوائية إلى عملية تحتاج إلى إعداد وترتيب ، حيث كانت التربية عملية عشوائية يمارسها كل شخص حسب طبيعة البيئة التي يعيش فيها ، والظروف المحيطة بها وبذلك كانت مهنة عامة أي مهنة من لا مهنة له ، ثم تطورت شيئاً فشيئاً حتى أصبحت عملية مهنية يحتاج من يقوم بها إلى إعداد وتدريب ، فالمعلم والتربوي والمربي أصبحوا الآن يتلقون إعداداً تربوياً واسعاً ومكثفاً ، وبذلك فتحت المدارس والكليات ومعاهد إعداد المعلمين لهذا الغرض، بل ازدادت العملية اتساعاً حتى أصبح إعداد المدرس وتدريبه يتم حتى أثناء الخدمة ، وأن الذي يريد أن ينخرط في سلك التربية والتعليم لابد أن تتوفر فيه شروط معينة تكون كفيلة بقبوله في هذا المجال ذلك لأن التربية هي أساس غيرها من المهن ، كما أن المعلم هو أساس لغيره كالمهندس والطبيب والمحامي والأديب والفنان .