عرض اون لاين كتاب التربية الاسلاميه ثاني ثانوي ادبي
- انظم الى قناة منهج ليبيا الجديد في التليجرام
محتوى الكتاب
التفسير :-
اشتملت هذه الآيات الكريمة على المعاني الآتية:
1- الإسلام دين قويم لاشك فيه:
قل يا محمد للكافرين برسالتك إن كنتم تشكون في هذا الدين الذي أُبْلُغُكُم إياه، فاعلموا أني لن أعبد ما تعبدون من دون الله من تلك الأوثان التي لا تضر ولا تنفع، فديتكم هذا هو الذي يستحق أن يُشك فيه، ويجب العدول عنه إلى دين الله القويم،
8
الذي أدعوكم إليه، إنه الدين الذي يدعو إلى عبادة الله القادر على كل شيء، فهو الذي يميتكم حين تنتهي آجالكم قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ، وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةٌ
حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ )
2- أوامر إلهية:
ليعلم الكفار أن الله أمرني :
1 - أن أصدق بما أوحي إلي، وأن أحمل رسالته إليكم، قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَتَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلَغَ
مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَغْتَ رِسَالَتَهُ (2)
2 وأن أتوجه بقلبي وعقلي، وأقبل بروحي على ذلك الدين القيم، غير حائد ومائل إلى:
يهودية، أو نصرانية، أو وثنية، وألا أشرك بالله أحداً، وألا أجعل بيني وبينه حجاباً، كما يفعل عبدة الأصنام الذين يجعلون أصنامهم شفعاء لهم عند الله، قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَأَقِمْ
وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا (3)
3- وألا أعبد غيره -سبحانه وتعالى ولا أدعو الأصنام التي لا تضر ولا تنفع في الدينا ولا في الآخرة، فإن دعوت من دونه أحداً أكن قد ظلمت نفسي، قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا
أَدْعُوا رَبِّي وَلَا أُشْرِكْ بِهِ أَحَدًا (4)
مشيئة الله النافذة:
الله وحده هو القادر على كل شيء، فإن يصبك بما يضرك في نفسك، أو مالك، أو
عيالك، فلن يدفعه عنك أحد، ولو اجتمعت الإنس والجن وكل ما يُعبد من أوثان لكشف
هذا الضر عنك ما استطاعوا أن يمنعوه؛ لأن الله وحده هو الذي يملك الأمر كله، يضر
وينفع، ويعطي ويمنع، ويعاقب ويغفر كما يشاءُ، قَالَ تَعَالَى: وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍ فَلَا
كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (3)
4- ما على الرسول إلا البلاغ
قل يا محمد لقومك: يأيها الناس، قد جاءكم الدين الحق من عند الله مفصلاً في كتاب الله، فمن آمن به واهتدى وسلك الطريق المستقيم، فالخير عائد عليه لا على غيره، ومن كفر به وضل عن الطريق المستقيم، وحاد عن الحق، فإن عاقبة كفره وضلاله على نفسه
لا على غيره ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا (1). قل لهم هذا، فأنت لست مسلطا عليهم، ولا موكلاً بهم، وإنما أمرهم إلى الله، وما على
الرسول إلا البلاغ.
الصبر على أذى المشركين
اتبع يا محمد ما يوحي الله به إليك، وسر على هداه، واستضى بنوره، واصبر على ما يصيبك من أذى المشركين، وما ينالك من مكرهم، حتى يحكم الله بينك وبينهم، وهو
القاضي العادل الذى يوفي كلاً حقه، ويُنيله جزاءه.
التفسير :
اشتملت هذه الآيات الكريمة على طائفة من الأوامر والنواهي التي أراد الله بها سعادة المجتمع الإنساني، فوضعت المبادئ التي يلتزمها الإنسان: نحو ماله، ونحو غيره، ونحو نفسه،
وذلك على النحو الآتي:
أولا - المبادئ التي يلتزمها الانسان نحو ماله:
المال مال الله، والناس جميعاً عباده، فالمال ينبغي أن ينتفعوا به جميعا، ويحافظوا عليه جميعاً .
وتحقيقاً لانتفاع جميع المسلمين به حارب الإسلام في مالكيه خُلُقَ الشُّح الذي يمنع البذل
والإنفاق، كما حارب السفة الذي يبدد المال في غير وجود النفع.
لهذا كانت تلك الأوامر والنواهي للإنسان تتمثل في الآتي: 1. الأمر ببذل المال للأقارب المحتاجين، وللمساكين، وأبناء السبيل، فإذا أضطر الإنسان
إلى الإعراض عن إعطائهم لعدم وجود المال، أو لانتظار رزق جديد، فينبغي أن يعتذر إليهم في لطف، وأن يعدهم بالإعطاء عند الميسرة.
2 النهي عن التبذير، فلا ينبغي أن ينفق المال طلبا للفخر والشهرة، أو في الشر والمعاصي، فذلك يُعرض المبذرين للفقر والحراب، ومثلهم حينذاك مثل الشياطين في خروجهم عن طاعة الله، فمن شأن الشيطان الكفر بنعم الله، والإفساد.
3 الأمر بالتوسط في الإنفاق، ففضيلة الإنفاق حد وسط بين رديلتين متطرفتين:
إحداهما: الإسراف.
والأخرى التقتير والبخل.
وما بينهما هو الإنفاق في توسط.
فلا ينبغي أن يكون الإنسان بخيلاً يمسك يديه عن البر بالمحتاجين، أو مسرفاً ينفق أكثر
من دخله، أو في غير وجوه الخير، وقد مدح الله تعالى عباده الصالحين قَالَ تَعَالَى: وَالَّذِينَ
إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (1)
وقد صور القرآن الحالين الإسراف والتقتير تصويراً بلاغياً: فجعل يد البخيل كأنها مربوطة إلى عنقه، لا يستطيع مدها، ويد المسرف كأنها مبسوطة كل البسط، لا تنطوي على شيء، وكل من المسرف والمقتر ينتهي أمره إلى الحسرة والندم، فالبخيل ملوم من الناس الذين منعهم حقهم محسور منقطع عن الناس، لا يتصلون به ولا
يحترمونه . والمسرف ملوم من الناس؛ لأن الإسراف يضيع ماله ويحط من شأنه، فيلومه الناس؛ لأنه أفقر نفسه بعد غنى، وأذلها بعد عزة، ولم يعرف قيمة المال، وكل منهما ملوم محسور كذلك
عند الله؛ لأنهما لم يعرفا حق النعمة، ولم يحسنا استعمال المال.
4. الأمر بالرضا والشكر، فالمال مال الله يعطيه بكثرة من يشاء، ويعطيه بقلة من يشاء، الحكمة يراها سبحانه وتعالى، فَرُبَّ غَنِيٌّ أبطره غناه، ورُبَّ فقير زل به فقره إلى هاوية
الكفر، فعلى كل إنسان الرضا والشكر على ما هو فيه، فالله سبحانه خبير بعباده، بصير بما يصلح شؤونهم في الدين والدينا قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ
وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (2)
ثانيا : المبادي التي يلتزمها الإنسان نحو غيره تمثلت فيما يلي: 1 . النهي عن قتل الأولاد بالواد أو غيره، سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً مخافة الفقر، فقد
ضمن الله لهم ولكم الرزق، فقتلهم ذنب كبير؛ لأن فيه قسوة وظلما، بإزهاق روح
بريئة خلقها الله لحكمة يعلمها، وسوء ظن بالرازق الكريم.
2 النهي عن الزنا بل عن العزم عليه، أو الإتيان بمقدماته فضلاً عن مباشرته؛ لأن قربه داع إلى مباشرته، وهو من أكبر الكبائر، يتجاوز حد القبح؛ لأنه يثير الفتن والأحقاد،
من قصاص أو دية، وأمر الله الحكام بمعاونتهم ونصرتهم في استيفاء حقهم، فعليهم أن يلتزموا
حدوده ولا يخالفوه. 2. النهي عن القرب من مال اليتيم فضلا عن التصرف في شيء منها، فما ينبغي للأوصياء عليه
- وقد قبلوا الوصاية على اليتيم، وأشهدوا الله عليه - ما ينبغي لهم التصرف في ماله بأي طريقة من طرق التصرف، إلا بالطريقة المثلى، وهي حفظه، وصيانته، وتثميره، وتنميته، على الوجه المشروع، الذي أحله الله، حتى يبلغ ذلك اليتيم صاحب المال أشده، ويصل إلى تمام عقله، ويحسنُ بالغني أن يتعفف عن أجر رعاية مال اليتيم، ولا إثم على الوصي الفقير أن يأخذ .
بالمعروف أجراً على تدبيره.
والله سبحانه جعل الحكام مشرفين رقباء على الأوصياء، يسألونهم ويحاسبونهم، فإذا رأوا تصرفهم محموداً حمدوهم، وإذا رأوا غير ذلك عاملوهم بحكم الله في الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما
قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا
وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (1)
الأمر بإيفاء الكيل والوزن، فلا شك أن عدم إيفائهما خيانة وسرقة، ونكت للعهد، الذي تقتضيه المبادئة بين البائع والمشتري، أما إيفاؤهما فإنه يُكسب صاحبهما شهرة بين الناس بالأمانة، وبإيتاء كل ذي حق حقه، ويبعث على الثقة به، والرغبة في معاملته، فيعود ذلك كله عليه بالزواج والخير،
كما أنه سيكون قدوة لغيره، مرضياً عنه من الله تعالى في الآخرة.
ثانيا - المبادئ التي يلتزمها الإنسان نحو نفسه، وتتمثل في الآتي: 1. عدم اتباع مالا يعلم حقيقته من قول أو عمل، ومن ذلك:
1 سورة النساء : الآية 10
(أ) عدم الإخبار بالكذب كأن يقول الإنسان: سمعت، وهو لم يسمع، أو أبصرت، وهو لم يبصر، أو علمت وهو لم يعلم، ففي ذلك نشر الفتن والشرور بين الناس، وتعرض لعقاب الله على سوء
استعمال الحواس والعقل.
(ب) عدم شهادة الزور، فهي تضلل القضاة وتضيع الحقوق. (ت) عدم الاعتماد في الأحكام المختلفة على الظن والتخمين، كأن ترى اثنين يتحدثان سراً، فتحكم بأنهما يديران مكيدة، أو ترى رجلاً في الطريق آخر الليل فتحكم بأنه لص، فتلك الأحكام
الخاطئة تدعو إلى ظلم الأبرياء. وجدير بالإنسان أن يبتعد عن ذلك، فالسمع والبصر والفؤاد كل واحد من هذه الأعضاء مسؤول عن أحواله شاهد على صاحبه، قَالَ تَعَالَى: ﴿ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُ وهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَرُهُمْ